تمهيد

المسجد الأقصى المبارك اسم لكل ما شمله  سور المسجد من مبانٍ مسقوفة من مُصلَّيات وقباب وأروقة، أو ساحات مكشوفة، مبلّطة وترابيّة، واسبلة وابار حيث تبلغ مساحته 144 دونم و100 متر مربع (الدونم 1000 متر مربع ).

دلَّ على ذلك إقرار سنة النَّبيّ صلّى الله عليه وسلم التَّقريريّة، فإنَّه لمَّا أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان للمسجد سور وأبواب، ولم ينقل عنه صلّى الله عليه وسلّم تغيير تلك الحدود. وعلى ذلك انعقد إجماع الصَّحابة رضي الله عنهم لمَّا جاءوا فاتحين بقيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

للمزيد حول المسجد الاقصى في التاريخ الاسلامي

تضاريس المسجد الأقصى المبارك

أرض المسجد الأقصى -ونقصد ما داخل سور المسجد- تتكون من جبل في الوسط تقريبًا، أقرب إلى الغرب منه إلى الشرق، ورأس الجبل الصَّخرة المُشرَّفة، وحول الجبل من جهاته الأربع وديان يشتدُّ انحدارها في الجهة الجنوبية، ثمّ تقلُّ في الجهة الغربية، ثمّ الشَّرقية، ثم الشَّماليّة.

                                                    

  رسم تخيّليّ لتضاريس المسجد الأقصى المبارك مُحَدَدًا بأسواره من الجهات الأربع، يظهر من خلاله موضع الصَّخرة المُشرَّفة                            رسم تخيّليّ لتضاريس المسجد الأقصى المبارك                                                       من المسجد                                                                                     

وحتى تتم الاستفادة من كامل مساحة المسجد فلا بدَّ من بناء ما يُسمّى (التّسويات)، وهي أروقة من شأنها أن تجعل ما فوقها ساحة مستوية تتصل بأرض المسجد المرتفعة، ويمكن استغلال تلك (الأروقة – التّسويات) بعدّة استخدامات، منها: مصليّات، وآبار لجمع المياه، وممرات توصل  للأبواب المؤدية إلى خارج المسجد   لمزيد من المعلومات   

الموقع 

يقع المسجد الأقصى في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة في مدينة القدس ويشكل سدس مساحتها، ويضم المسجد كافة الساحات والمساجد والمصليات الواقعة فوق الأرض وتحت الأرض والمآذن والمصاطب والقباب والمدارس والأبنية والأروقة والمرافق والأبواب والأسوار المحيطة بالساحة المفتوحة للمسجد الأقصى من الجهات الأربع مع ما يرافقها من مرافق من باطن الارض حتى عنان السماء، يقدر عدد المباني بمائتي أثر معماري من حقب إسلامية مختلفة.

   لا بد من التنويه إلى أن كافة الساحات والأبنية الواقعة في حدود المسجد الأقصى لها نفس القداسة والمكانة في العقيدة الإسلامية، وذلك لوجودها ضمن فضاء المسجد الأقصى فتأخذ حكمه، وكل جزء من المسجد الأقصى له نفس الفضيلة ولا تنحصر القداسة فقط في أماكن العبادة المغلقة أو المسقوفة كالجامع الاقصى ومصلى قبة الصخرة على سبيل المثال لا الحصر، ومصليات ما كان منها فوق سطح الأرض مثل مصلى قبة الصخرة أو تحت الأرض مثل المصلى المرواني، فالمعتكف في المسجد الأقصى يظل في حكم المعتكف وإن كان في ساحات المسجد المفتوحة. فالعبرة هنا بالأرض (المكان) سواء كانت مسقوفة أو مظللة أو مفتوحة.

 تسمية المسجد الأقصى:

الأقصى تعني حرفياً الأبعد، وتسمية المسجد الأقصى تعني المسجد الأبعد عن مكة المكرمة زمن تنزل الوحي على الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وكلمة الأقصى في اللغة قد تأخذ بعد مكانة إضافة إلى بُعد المكان وبهذا يكون المسجد الأقصى هو المسجد صاحب المكانة المقدسة وهذا أقرب عقدياً من التفسير الذي يقصره على بعد المكان، والمسجد الأقصى موجود في الأرض المباركة كما ورد في القرآن الكريم: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (سورة الاسراء: 1)

درج بين الناس تسمية المسجد الأقصى الحرم الشريف وهو اسم نابع من الثقافة الشعبية والموروث المملوكي – العثماني في المنطقة ولا أساس له في العقيدة الإسلامية حيث لا يُستخدم تعبير "الحرمين" في الإسلام إلا عند الإشارة إلى الحرم المكي في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.

 فضل المسجد الاقصى 

وتتمتع ثلاثة مساجد في الإسلام بقدسية ومكانة خاصة كما ورد في الحديث الشريف، فعن النبي صلى الله عليه وسلم "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا." (صحيح مسلم)

والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثاني المسجدين، فقد كان ثاني مسجد بُني في الأرض بعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ «ثُمَّ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّهِ فإنَّ الفَضلَ فِيهِ". (متفق عليه)

ويضم المسجد الأقصى مستويات البناء الآتية:

1.المستوى الأرضي تحت سطح الحرم الشريف، ويضم آباراً وقنوات للمياه وبعض المباني المغلقة بالأتربة.

2.المستوى الأرضي ويضم المصلى المرواني (إلى الجنوب من الجامع الاقصى) ومصلى البراق ومصلى الأقصى القديم (الواقع تحت أساسيات الجامع الاقصى)  ومصلى باب الرحمة ، الباب الذهبي والأبواب المغلقة: الباب المفرد، الباب المزدوج، الباب الثلاثي وباب البراق (المغاربة) وباب السلسلة.

3.المستوى الأول ويضم  الجامع الأقصى والساحة الرئيسية والبوابات المفتوحة والأروقة، ومجموعة كبيرة من المصاطب والآبار والأسبلة والأبنية.

4.ومستوى علوي يرتفع عن سطح الأرض قليلاً ويضم مصلى قبة الصخرة وصحن قبة الصخرة والقباب والأبنية والبوائك المحيطة بها.

 

التاريخ الاسلامي في بيت المقدس  للمزبد اضغط هنا