خلفية تاريخية عن الأوقاف الإسلامية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية
لا شك أن الأوقاف الإسلامية كملكيات وقفية ومؤسسة خيرية تشرف على المقدسات وتدير الأملاك الوقفية التابعة لها تجع لعهد الفتح العمري للقدس 638، أما هيكل إدارة الأوقاف الحالية فهو استمرار لأول مديرية مستقلة لأوقاف سنجق القدس تشكلت في زمن العثمانيين عام 1843 وعرفت باسم مديرية عموم الأوقاف. كان يطلق على مديرها لقب (مدير عموم الأوقاف بالقدس الشريف)، وكان من مهامه القيام بجولات ميدانية للتدقيق في براءات الأوقاف والتولية عليها، واستطلاع أحوال الأوقاف التابعة لإدارته. وكان الجهاز الإداري للمديرية يشمل مدير عموم الأوقاف في القدس الشريف والمأمورين والجباه والكتبة والمحاسبين ومدققين وغيرهم، وكان يتوجب على المديرية رفع تقريرا شاملا بأحوال الأوقاف التابعة لها إلى الأوقاف في إسطنبول وتقديم كشوفات سنوية، إضافة إلى ما تم جمعه من عائدات الأوقاف.
بعد رحيل الحكم العثماني عن فلسطين 1917/1918م وتقدم الجيش البريطاني، أصبحت إدارة فلسطين بما فيها الوظائف الدينية خاضعة لإدارة المحتلين الجدد والملحقة بدورها بالقيادة العامة بالقاهرة ووزارة الحربية في لندن. وقد كان اهل القدس متنبهين لهذا الخطر مسبقا ومشاركين في بيعة الشريف الحسين بن علي ملكا على العرب وخليفة للمسلمين في مكة المكرمة منذ عام 1916. فكان حرصهم على المقدسات أن نادوا بالشريف الحسين لملئ هذا الفراغ بتأسيس الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف:
وفقاً لسجلات أرشيف الانتداب البريطاني، كانت أول مرة يُذكر فيها الشريف الحسين بن علي في خطبة الجمعة لإمام المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف في عام 1917 م وكان ذلك بعد احتلال الجنرال اللمبي للقدس مباشرة. وكانت تلك إشارة إلى انتقال المسؤولية التاريخية التي كانت لدى السلطان العثماني على مدى 400 عام، بصفته خليفة الأمة الإسلامية، إلى الشريف الحسين. وقد نشرت صحيفة القبلة في العدد 38 لعام 1917 م نصّ الدعاء في خطبة الجمعة تلك وهو:
"نسأل الله العظيم أن ينعم بحفظه وأن يمنّ بعونه على سيدنا ومولانا الشريف الحسين بن علي بن محمد بن عبدالمعين بن عون، خليفة المسلمين، أمير وشريف مكّة وملك العرب..."
وفي عام 1919 م، بايع سكّان القدس، الشريف الحسين بن علي، ليصبح حامي سكّان المدينة ومقدّساتها. وفي عام 1924 م، عندما انتهت الخلافة العثمانية بشكل رسمي، بحث العرب في الحجاز وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين وغيرهم عن خليفة شرعي. وكان الأمير الهاشمي عبدالله بن الحسين بن علي (لاحقاً جلالة الملك عبدالله الأول)، أمير شرق الأردن، وزعيم فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني، اللذي خلف أخيه غير الشقيق كامل الحسيني في مهمة الإفتاء، أول من بايع الشريف الحسين في 11 آذار 1924 م. وتبعهما الوجهاء العرب والفلسطينيون في مبايعته في العقبة وفي مختلف المدن في الضفة الغربية.
بعد وفاة الشريف الحسين بن علي عام 1931 م، انتقلت الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس إلى أكبر أبنائه الذي كان في سدة الحكم، الأمير عبدالله، والذي كان وقتها أمير شرق الأردن (لاحقا جلالة الملك عبدالله الأول، ملك المملكة الأردنية الهاشمية). وجاء ذلك امتداداً لإرسال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في القدس الحاج أمين الحسيني رسالة عام 1924 م إلى الأمير عبدالله بالنيابة عن المجلس وعن لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف يطلب فيها أن يتولى الإشراف على إعادة الإعمار، برعاية الشريف الحسين بن علي، والذي أشارت إليه الرسالة بـ"أمير المؤمنين".
وقام المجلس الإسلامي الأعلى بإشراف الأمير عبدالله بن الحسين بمهام جليلة تتعلق بحماية المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية في عموم فلسطين أهمها ترميم الحائط الغربي للمسجد الأقصى وتشكيل لجنة البراق الشريف للدفاع عنه وإثبات أن الحائط الغربي جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك. وعمل المجلس الإسلامي الأعلى على حماية الأراضي الوقفية من الاعتداءات البريطانية والصهيونية من خلال اشرافه على إدارة الأوقاف والمحاكم الشرعية والقضاة، ومحاولة شراء مساحة كبيرة من الأراضي المعروضة للبيع من أموال الأوقاف ووقف هذه الأملاك وتسجيل بعضها بإسم المجلس لحمايتها من المشروع الاستعماري، لينقذ المجلس الكثير من الأراضي الفلسطينية ومنع وقوعها بيد المؤسسات الصهيونية.
وفي كانون الأول 1948 م، وبعد الحرب العربية الإسرائيلية، أقام قادة ووجهاء فلسطينيون من الضفة الغربية مؤتمراً في أريحا، ومؤتمرات في رام الله، ونابلس، وعمّان، دعوا فيه الملك عبدالله الأول إلى اتخاذ خطوات فورية لتوحيد ضفتي نهر الأردن لتكونا دولة واحدة تحت قيادته. في 11 نيسان 1950 م، عقدت انتخابات لبرلمان أردني جديد يتضمن نواباً يمثّلون سكّان الضفة الغربية. وفي 24 نيسان 1950 م، صادق البرلمان الأردني على وحدة الضفتين تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الأول، مؤكداً أنّ الوحدة جاءت في مسعى للحفاظ على حقوق العرب كاملة في فلسطين والدفاع عنها بكل الوسائل القانونية. وصادقت جامعة الدول العربية على ذلك في 11 أيار 1950 م. وبالتالي، أدّت وحدة الضفتين دستورياً إلى توسعة المملكة الأردنية الهاشمية وحماية ما تبقى من فلسطين إلى عام 1967 م. بصفته الحاكم الهاشمي، حافظ جلالة الملك عبدالله الأول على دوره صاحباً للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وكان يزور القدس كثيراً، خاصة في أيام الجمعة وعند استضافته لملوك ورؤساء الدول العربية. وفي عام 1951 م، استشهد الملك عبدالله الأول داخل المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف.
بعد استشهاد الملك عبدالله الأول في 20 تموز 1951 م أثناء دخوله إلى المسجد القبلي/الجامع الأقصى لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف برفقة حفيده، الأمير الحسين بن طلال آنذاك، انتقلت الوصاية إلى نجله الأكبر، جلالة الملك طلال، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والذي قاتل في القدس كضابط في الجيش العربي في حرب عام 1948 م.
انتقلت الوصاية الهاشمية إلى نجل الملك طلال، جلالة الملك الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عام 1952 م. وفي عام 1954 م، أقرّ الملك الحسين القانون الأردني للجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة (الإعمار الهاشمي)، والتي ما زالت إلى يومنا هذا تموّل وتشرف على مشاريع إعادة الإعمار في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف. وفي الفترة 1967-1988 م، استمرت الوصاية مع الملك الحسين على المقدسات والأوقاف التابعة لها رغم وقوع القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي.
استثنى قرار الأردن بفكّ الارتباط مع الضفة الغربية في عام 1988م، في عهد الملك الحسين، المقدسات في القدس الشرقية. وبالتالي، استمرت وصاية ملك الأردن الهاشمي عليها. وبسبب هذا الاستثناء، ما زالت دائرة أوقاف القدس الأردنية تقوم بدورها في إدارة المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف وإدارة مئات الممتلكات الوقفية إلى هذا اليوم (2020 م). ويشمل هذا الدور أيضا الدعم والإشراف على إدارة السلطة الفلسطينية لـ40 مدرسة من مدارس الممتلكات الوقفية.
وتقرّ معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، والتي وقّعت بتاريخ 26 تشرين الأول 1994 م، بالدور الخاص والتاريخي الهاشمي في مقدسات القدس. وتنص المعاهدة في المادة 9 على ما يلي: "تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن".
بعد وفاة جلالة الملك الحسين رحمه الله، في عام 1999 م، انتقلت الوصاية إلى نجله، جلالة الملك عبدالله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية. حيث بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني هذا الدور بتوجيهات لإعادة صنع وبناء منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى. وفي عام 2007 م، أسس الملك عبدالله الثاني الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، والذي سهّل العديد من التبرعات الكبيرة ومشاريع الترميم.
إن اتفاقية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس لعام 2013 م التي وقّعها جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس بصفاته رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيساً للسلطة الفلسطينية ورئيساً لدولة فلسطين، أعادت التأكيد على دور الملك عبدالله الثاني صاحباً للوصاية على المقدسات في القدس، وعلى حقه الكامل في بذل كل الجهود القانونية لحمايتها والحفاظ عليها، ومن ضمنها المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف الممتد على مساحة 144 دونماً. وقد حازت هذه الإتفاقية على اعتراف دولي من العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي وجميع كنائس القدس الشريف التي وضعت نفسها ومقدساتها تحت وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.
ومن أهم الوظائف الأساسية للوصاية على المقدسات الإسلامية
(1) المحافظة على المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف ومرافقه وغاياتها، واستدامتها وصيانتها.
(2) حمايته والمحافظة على الذوق العام والانضباط فيه.
(3) إدارته وتعيين موظفيه، بما يشمل ذلك الوعّاظ، والحرس، والإداريين، والآذنين، والمحامين، والمحاسبين، ومهندسي العمارة وغيرهم، ودفع رواتبهم.
(4) توفير التمويل وجمع التبرعات له.
(5) تأمين الصلاة فيه والحجّ إليه وإمكانية الوصول إليه.
(6) المحافظة على الوضع القائم.
(7) ضمان الالتزام الأخلاقي والوعظ السليم فيه، وتمثيله أمام الجهات الدولية وأمام القوة المحتلة، حيث إن إسرائيل ملزمة قانونياً بموجب قراري مجلس الأمن 242 و338، وميثاق لاهاي لعام 1954 م بحماية وعدم تغيير المقدسات في القدس. كما أنّ إسرائيل ملزمة قانونياً بموجب قرارات مجلس الأمن ٢٥٢ و٤٧٦ و٤٧٨ بحماية وعدم تغيير الوضع القائم للمقدسات في القدس.
(8) الخضوع للمساءلة أمام الله وأمام العالم الإسلامي بأكمله حول وضعه.
(9) التنسيق مع السلطة الفلسطينية بخصوصه.
(10) الدفاع عنه وحمايته إن اقتضى الأمر ذلك.
(11) والنقطة الأخيرة (الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته إن اقتضى الأمر ذلك) بالغة الحساسية؛ إذ إن القرآن الكريم يأذن بالحرب العادلة للدفاع عن المقدسات (ومن ضمنها الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية). يقول الله تعالى: ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ: (41) (الحج، 22: 39-40)
وبالتالي، فإن مسؤولية الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف فرض عين على كل مسلم في العالم. وهذا واجب صاحب الوصاية، جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي بإمكانه أن ينادي للدفاع عنه فعلياً وأن يحدد الطريقة المناسبة لفعل ذلك.
الإعمارات الهاشمية للمقدسات في القدس
الإعمار الأول (1922-1952 م)
في عام 1922 م، تمّ تشكيل المجلس الإسلامي الأعلى للحفاظ على القيم الإسلامية المثلى وحماية مقدسات فلسطين. تولى المجلس الإسلامي الأعلى، برئاسة الحاج أمين الحسيني، مسؤولية جمع التبرعات لترميم قبة الصخرة المشرفة. زار وفد من المجلس الشريف الحسين بن علي في عام 1924 م، وقدّم له إيجازاً عن وضع المسجد، فتبرع الشريف الحسين بـ38,000 ليرة ذهبية. الأمير عبدالله، نجل الشريف الحسين وأول أمير لإمارة شرق الأردن، أشرف شخصياً على أعمال الإعمار. كما أشرف أيضاً على الإعمار الذي تمّ في الأربعينيات، والذي عُرف أيضاً بالإعمار المصري، وذلك نسبة إلى الدور الفني والتقني المصري واستيراد السيراميك المستخدم في الإعمار من مصر. أثناء حرب عام 1948 م، تضررت أجزاء كبيرة من البلدة القديمة في القدس والمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وسطح كنيسة القيامة. ونجح جلالة الملك عبدالله الأول في الحفاظ على الأقصى بعيداً عن الاحتلال، واستسلمت الهاغانا الصهيونية للجيش العربي، تحت قيادة الضابط عبدالله التل. وفوراً بعد نهاية الحرب، زار الملك عبدالله الأول الأقصى وأعلن عن ترميم محراب سيدنا زكريا كجزء من إعادة إعمار المباني المحيطة التي كانت قد تضررت في أساساتها. وفي عام 1949 م، ساعد جلالة الملك عبدالله الأول شخصياً في إخماد حريق دمّر أجزاءً من كنيسة القيامة. ودأب جلالته على دوره صاحباً للوصاية على المقدسات في القدس طوال عهده، إلى أن استشهد في المسجد القبلي في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف عندما كان ذاهباً لأداء صلاة الجمعة في 20 تموز 1951 م.
الإعمار الثاني (1952-1964 م)
شمل الإعمار الهاشمي في الخمسينيات تركيب صفائح الألمنيوم المذهّب عوضاً عن الصفائح الخارجية الرصاصية التي كانت تغطي الهيكل الخشبي لقبة الصخرة، والتي لم تكن تمنع تسرب المياه إلى الداخل. كما كان لون القبة الذهبي قد بهت. في الفترة 1952 م-1953 م، أشرف جلالة الملك الحسين في بداية عهده على صيانة هذه الصفائح. في عام 1954 م، وجّه جلالة الملك الحسين بسنّ القانون الأردني للجنة الإعمار الهاشمي، والذي أشرف بموجبه جلالته على ترميم قبة الصخرة المشرّفة، وقبة السلسلة، وسبيل قايتباي، ومسجد النساء، ومواقع أخرى.
1. الملك الحسين بن طلال (يمين) يستضيف رئيس تونس الحبيب بورقيبة (وسط)، ويرافقهما رئيس وزراء الأردن وصفي التل (يسار) في فندق الأقواس السبعة على جبل الزيتون في عام 1965 م.
2. الملك الحسين بن طلال (يسار) وشاه محمد رضا، شاه إيران، يرافقهما رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية الفريق أول حابس المجالي (وسط) في عام 1959 م.
3. الملك الحسين بن طلال مع الملك محمد الخامس في المسجد الأقصى المبارك، يرافقهما رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية الفريق أول حابس المجالي في عام 1958 م.
4. الملك الحسين بن طلال (وسط)، وأمير الكويت الشيخ صباح السالم (يمين)، ومحافظ القدس التابع للأردن أنور الخطيب، في عام 1966 م.
5. الملك الحسين بن طلال (يسار)، وقائد القوات العربية المشتركة عبدالحكيم عامر (وسط)، ومحافظ القدس أنور الخطيب، في عام 1964 م.
6. الملك الحسين بن طلال (يمين)، والملك فيصل بن عبدالعزيز، ملك السعودية (يسار)، ومحافظ القدس التابع للأردن أنور الخطيب (وسط)، في عام 1966 م.
وكان جلالة الملك الحسين يرشد شخصياً ضيوفه الرسميين في أرجاء المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف. وكان من ضمن هؤلاء الضيوف رئيس سوريا شكري القوتلي عام 1957 م، وجلالة الملك محمد الخامس، ملك المغرب، في عام 1958 م، والشاه محمد رضا، شاه إيران، عام 1959 م، وقائد القوات العربية المشتركة عبد الحكيم عامر في عام 1964 م، ورئيس تونس الحبيب بورقيبة في عام 1965 م، وجلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز، ملك السعودية، في عام 1966م، والشيخ صباح السالم، أمير الكويت، في عام 1966 م.
الإعمار الثالث-الإعمارات الطارئة (1969 م-الحاضر)
تضرر منبر صلاح الدين في المسجد القبلي، في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، بشكل كبير عندما أضرَم به النار الصهيوني الأسترالي دينيس مايكل روهان في 21 آب 1969 م. وكان المنبر، الذي بناه السلطان نورالدين زنكي، قد جُلب من حلب إلى القدس على يد صلاح الدين بعد تحرير القدس من الصليبيين عام 1187 م. قام جلالة الملك عبدالله الثاني بدعم إعادة صنع المنبر والإشراف عليه، وقد كلف الخزينة الأردنية 2.115 مليون دولار أمريكي. وتمّ تركيب المنبر في مكانه التاريخي في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف في 2 شباط 2007 م. كما يستمر ترميم الأضرار التي تسبّب بها حريق عام 1969 م إلى هذا اليوم.
الإعمار الرابع (1990-1994 م)
بحلول التسعينيات من القرن الماضي، كانت قبة الصخرة المشرفة قد تضررت مرّة أخرى من الداخل والخارج بفعل الظروف البيئية وقنابل الصوت التي تطلقها الشرطة الإسرائيلية بشكل متكرر. في عام 1992 م، باع المغفور له جلالة الملك الحسين بيته في لندن بقيمة 11.636 مليون دولار أمريكي ليتمكن من تغطية كلفة إعمار قبة الصخرة المشرفة في عام 1994 م. وبموجب تعليمات جلالة الملك الحسين، استعانت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية بخبرات محترفة لتذهيب القبة بخمسة آلاف صفيحة ذهبية جديدة، وإعادة بناء دعائم السطح، وصيانة الأساسات، وحماية القبة من الداخل ضد الحرائق.
الإعمار الخامس (1994م-الحاضر)
تحمل المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس أهمية بالغة لدى جلالة الملك عبدالله الثاني. واستمراراً في الالتزام الملكي برعايتها، أسس جلالة الملك عبدالله الثاني الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة بموجب قانون جديد صدر في عام 2007 م. تشمل مشاريع الإعمار والحفاظ على المقدسات في القدس في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ترميم منبر صلاح الدين، وترميم وتدعيم الحائطين الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف. وفي كانون الأول 2016 م، تمّ استكمال مشروع استغرق ثمانية أعوام لترميم وحفظ الفسيفساء في قبة الصخرة المشرفة والمسجد القبلي. كما تمّ إنجاز أكثر من 20 مشروع آخر للإعمار والصيانة، وقد أعاقت السلطات الإسرائيلية العديد منها. ومنذ 1924 م وحتى بداية 2020 م، كلّفت مشاريع الإعمار الهاشمي للمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف 1.25 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقديرات دائرة أوقاف القدس ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية. تنفّذ دائرة أوقاف القدس مشاريع الإعمار، وهي مسؤولة أيضاً عن صيانة المقدسات الإسلامية والأوقاف في القدس والمحافظة عليها.
ويعمل في دائرة أوقاف القدس 938حالياً موظفاً، والذين يتقاضون رواتبهم من الحكومة الأردنية، بالإضافة إلى عدد مماثل من المتقاعدين. وبموجب مكرمة ملكية، تمت زيادة رواتب موظفي دائرة الأوقاف بنسبة 400% كعلاوة لدعم صمودهم ومساعدتهم على تحمل كلفة المعيشة المرتفعة في القدس. ومنذ القمة العربية في بيروت لعام 2002 م، تعهدت الدول العربية والمسلمة بتقديم نحو 3.5 مليار دولار أمريكي لدعم أهل القدس ومقدّساتها، إلّا أنّ دائرة أوقاف القدس تشير إلى أنّها تلقّت مبالغ بسيطة (مجموعها أقلّ من 20 مليون دولار أمريكي) تم دفعها من خلال المنظمات غير الحكومية.